الثلاثاء، 29 يناير 2013

تذكرة ذهاب فقط




  أحيانا.. بل دائما.. دائما ما أشعر أنى لا أنتمى الى هنا، الى هذا المكان و هذه اللحظة و حتى الى هذه الحقبة الزمنية، ولأنى لست متأكدة بعد ما إذا كانت هناك حياة على كوكب أخر، ولأنى لا أعرف سوا أن كوكب الأرض هو كوكب الحياة تنمو بداخلى رغبة يوميا فى الهروب، قد يكون الهروب الى الطعام، أو الى النوم، ولكنه فى المعظم رغبة فى الهروب الى مدن جديدة لا أعرفها و الى أن أكون بصحبة أناس جدد أقابلهم لأول مرة.

 لجهلى كنت أسميه هروبا ولكنى لم أعد أسميه هكذا منذ عرفت أنه هناك أخرون مثلى لا ينتمون الى هناك أيضا يسمونه بشهوة حب السفر و التجوال. وإن لم أكن مخطئة فإن هذا التعبير من أصل المانى استعارته اللغة الانجليزية وهو مشهور فى  الثقافتين كلتيهما، أما عن العربية فإقتران كلمة شهوة بأى شىء يجعله منبوذا، ويمكننى هنا أن أخبرك أن تعبير كهذا ليس دارجا أو حتى معلوما فى الثقافة العربية و أغلب الظن لن يفهم أو يتفهم أحد تلك الرغبة فى السفر و التجوال.

 وبسبب هذا المرض – أو هذه النعمة حسب وجهة النظر- دائما ما أريد تذكرة ذهاب الى مدينة ومنها الى اخرى، أريد أن أكون فى حالة سفر دائم، سفر فعلى ليس سفرا فكريا وحسب، تذكرة الذهاب هذه تصبرنى على ما أرفضه فى اللحظة و فى المكان، هى من المسكنات الجميلة التى تلعب بعقلى وتجعله يفرط فى الاحلام، وعقلى يتشبث أكثر بما يراه من شوارع واسعة و مقاعد الطريق الخشبية و أوراق الأشجار الملونة المتساقطة و بالورود و الأزهار و بالبيوت الملونة و النوافذ المفتوحة و العصافير و أصواتها فى الأنحاء وببشر يتحدثون بهدوء ويضحكون بصوت عال وبكل الصور المحتمل إلتقاطها و بكل الوجوه المبتسمة و الملابس البسيطة، أريد تذكرة ذهاب الى هناك- أيا كان- بلا عودة. و حتى تلك اللحظة سأضطر لتحمل هنا و من هم هنا طالما لدى تذكرتى السحرية الى أن أمسكها بيدى.