الثلاثاء، 2 يوليو 2013

عم يسألوني عليك




  لأننا كبشر جد أغبياء لا ندرك قيمة ما بأيدينا إلا بعد فقدانه. هذه حقيقة معروفة و مقولة مكتوبة على جدران الشوارع وعلى حوائط البيوت وحتى على الألواح الزجاجية لسيارات الأجرة. وعندما يتذاكى أحدهم ويكرر بينه وبين نفسه أنه ليس ضمن صفوف الأغبياء يفيق على صفعة غباء الآخرين الذين كنا نحسبهم مختلفين يوما ما. ولأن (حياة) كانت تحسبه مختلفا صفعها غباؤه على وجهها وصفع ذكائها المتقد واطفأ شيئا من حيويتها. كانت تعرف ما الذي تريد. وكانت تريده هو بالتحديد. عندما أدركت (حياة) يقينا أنه ينتمي لعالمها وأنها تنتمي لعالمه كان المشي على الجمر أهون عليها من تركه يضيع سدى. لم تكن ستتركه بسهولة بين يدي فتاة خرقاء بلهاء لا تفهمه ولن تحاول على الأرجح. يكفي تلك الفتاة البلهاء أنها ستوقع به في شباكها لتفوز بلقب "فتاة مخطوبة" لرجل وسيم تتباهى به أمام صديقاتها. كل شيء عدا ذلك لا يهم البلهاوات وما أكثرهن. لم تكن (حياة) تحاول لفت انتباه (باسم) إليها ولم تكن تحاول إثبات وجودها في حضوره فهو يكاد لا يرى سواها، ثم أن كبريائها لم يكن ليسمح لها بأي محاولة عابثة من هذا القبيل. كلٌ له نصيب من اسمه و(باسم) كان بريئا دائم الابتسام. 


                                           نطرتك أنا قبل الشتي وبعد الشتي بشوي... 


  لم يكن (باسم) المبتسم مدركا تماما أن (حياة) تنتمي لعالمه وأنه ينتمي لعالم (حياة). ولأن (حياة) كانت على يقين بأن الحياة أقصر مما تتخيل لم تكن ستتركه لحال سبيله. لم تكن ستتركه دون حتى أن تحاول. فكرت كثيرا أن تخبره، لم تكن ستخبره بأنها تحبه بالطبع! لكنها كانت ستطلب منه أن يفتح عينيه قليلا ليرى كيف أنهما يضحكان من الشىء نفسه وكيف تسبب الأشياء البسيطة لهما نوعا من السعادة وكيف أنهما يرفعان شعار "الحياة قصيرة" فيحاولا زيادة انتصاراتهما ولو كانت صغيرة قدر المستطاع. حتى أنها شاركته في سماع أغنيتها المفضلة ونظرت اليه طويلا عندما يغني "ستينغ"  Oh can't you see you belong to me  وهى العبارة التي تلخص موقف (حياة) تجاه (باسم) بطريقة مثالية. وكأنها تسأله ماذا يظن بشأن هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس؟ لكنه لم يستطع أن يرى ما تراه. على الأرجح لم تكن (حياة) تطابق  التصور القائم داخل (باسم) عن شريكة حياته. لم تستطع التأقلم مع هذا التفسير إلا عندما قامت بنفسها بصفع توقعات أحدهم الذي كان يراها بدوره تنتمي لعالمه ويرى نفسه ينتمي لعالمها. غريب هو موضوع الإنتماء هذا. عندما لا يجد الرجل وطنا يستحقه يلوذ بالإنتماء لامرأة. والمرأة منكوبة دائما بالإنتماء للذكريات. ياتري إلي أي امرأة تنتمي يا (باسم)؟ لم تستطع (حياة) البقاء داخل مثلث الإنتماءات مختلف الأضلاع هذا. السير على الجمر أصبح الآن أسهل على كبريائها من انتظاره أن يرى. في لحظة قررت انهاء هذا العبث ولململت آمالها ووقفت على الحافة الآخرى من النهر.

 
 عندما قابلها بعد خمس سنوات تعرف عليها بسهولة. (حياة) لازالت هي (حياة) فقط أكثر جمالا وتألقا كنجمات السنيما. طلب من معد الموسيقى أن يلعب أغنيتها المفضلة وعندما فعل نظر إليها طويلا عندما كرر "ستينغ" Oh can't you see you belong to me  فبدا لها أن "ستينغ" لم يتوقف عن غناء هذه الأغنية منذ خمس سنوات كاملة  وبدا لها أنه ظل يكرر هذا السطر تحديدا مرات عديدة دون انقطاع حتى أصبح مبتذلا. أرادت أن تخبره بأن الإنسان يتألم كثيرا حتى يجده الشخص الوحيد المناسب له. كانت تود إخباره بأنه كان عليه أن يعاني قبل أن يتيقن أنها هي شخصه الوحيد المناسب لكن غبائه - رغم ذكائه - لم يسعفه وأن الصورة القابعه في مخيلته كانت لها هي دون أن يدري وأنه كان يتعين عليه أن يستوعب كما استوعبت هي في حينها أنهما ملائمين لبعضهما تماما. لكنها لم تخبره بشيء واحد مما كانت تريد. أشاحت بوجهها عنه وهي تتمتم على أمل أن يسمعها "أكتب عني بين الحين والاخر" وظلت تردد بشكل آلي مع الموسيقي راسمة ابتسامة ساخرة على ثغرها بصوت لا تهتم بأن يظهر عذبا  Oh can't you see you belong to me.
 

هناك 4 تعليقات:

  1. أسلوب السرد سريع بعض الشئ شعرت أن الحرف يلهث و أنا ألهث ورائه و لكن الفكرة جميلة، أحببتها بصدق
    كثيرون ينتمون إلينا ولا يدركون ذلك :)

    تحية

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا جزيلا لتعليقك ولملحوظتك
      سأعدلها :)

      حذف
  2. عبث أن تنظري لمن تنتمين لعالمه و ينتمي لعالمك و هو غير مدرك هذه الحقيقة و أنت مدركة لها حتى النخاع ّ.. شعور فظيع !

    لامست جزء من روحي :)

    كنتُ سعيدة و أنا هنا :)

    ردحذف

speak out your mind