الاثنين، 13 يناير 2014

فراشة الضوء


 تحاول التعايش مع الدمار بداخلها. تسعى للتعود على صوت الإنفجار في كل مره يعيده عقلها عليها. تعمل جاهدة على تقبل بقايا الحطام الأسود بين ضلوعها. تلفظها كل طرقات الليل فتسير مشردة.  تخسرها كل الشوارع المظلمة فتتحول لجوالة مسلوبة الأمل.  لا يشعر جسدها المخدر بالبرد. ويتسبب الصقيع في تآكل روحها من الأعماق. تبقى معلقة في حالة من اللاحالة. فهي لا تنتمي لعالم الأموات ولكنها لم تعش. لم تفقد الوعي ولكن ذهنها لا يسعفها. ميتة أُعيدت إلى الحياة، ثم سُلبت منها عنوة، فظلت معلقة بين البرزخين. 

 في وسط الظلام تلمح نقطة ضوء صغيرة تلمع في الأفق البعيد فتخطف عينها الزائغة. تُجمّع قواها لتقترب من الضوء. تقاتل الأصوات الصارخة في رأسها بعدم جدوى الوصول.  تتناسى كل المرات التى أغراها فيها الأمل بالسفر وخذلها وتركها مبعثرة على أرصفة القطارات وعلى أرضيات المطارات. تطأ بقدمها على كل موضع ترابي نزلت عليه دمعة من دمعاتها فاصطدمت به  وحفرت أثرا. تمحي آثار الدموع المالحة من على تراب الطرقات. أهون عليها أن تدوسها هي من أن تمحيها قدم المشرد القادم من بعدها سالكا الطريق نفسه. يتراقص الضوء من بعيد، وينكسر قبل أن يصل إلى عينيها من خلال الدموع. تُكابر جرحها، وتواصل السير، فتقترب من مرادها. 

 هي ضائعة لدرجة تجعلها لا تهتم بالنظر إلى مصدر الضوء. لا تملك وقت لتضيعه بتأمل مصدر الضوء، فاكتفت به نفسه. يملأ الضوء عليها عينيها. وتبدأ في الحوم حول الضوء. تحوم في دوائر كبيرة متكررة نقطة قطرها الضوء. تزيد من سرعة قدميها وتحوم في دوائر أصغر بانتظام يتعاكس مع عدم اتزانها. تختصر المسافات وتقلل أقطار دوائرها وتقترب من المركز. تفقد قدميها فجأة وتعتمد على أجنحتها. تطير حول الضوء وتدور وتقترب. تحوم بسرعة أكبر ويزداد اقترابها. تدور وتقترب ويذوب جناحها الأيمن. تقترب وتحترق ويختفي جناحها الاخر. تلتصق بالضوء، وتحرقها النار، فتمتزج بها كما أرادات. وتموت. 

هناك تعليقان (2):

  1. نهاية مأساوية :(

    التصوير جميل
    واختيار التراكيب اللغوية رائعه
    لكن ينقصها شوية تفاؤل :)

    ردحذف
    الردود
    1. نشتري حبة تفاؤل من السوبر ماركت :)

      حذف

speak out your mind