السبت، 27 يوليو 2013

كل اللى بحلم بيه



 من المفترض أن أدون اليوم عن الأحلام. للوهلة الأولى رأيته موضوعا مبتذلا عن الأحلام مرة آخرى! الأحلام التى نظن أننا نحفظها عن ظهر قلب، الأحلام التى من المفترض أن تكون دافعنا فى هذه الحياة اللطيفة، لكننا وفي يوم ما نجد أنفسنا نحتمي بفراشنا ونشد علينا غطاء السرير لنخفي وجوهنا لنجد أنه لم يعد لدينا ما نستيقظ لأجله ولم يعد لدينا ما نغادر فراشنا بسببه، وأن هذا اليوم هو الكلاكيت الخامس بعد المائة لأمس الذي كان بدوره الكلاكيت الرابع بعد المائه لأول أمس.  أفتح عيناى لتقع على الغرفة لأجد كل شيء كما هو فى مكانه، ويزعجني صوت المنبه مرة عاشرة ليذكرني بوجوب ارتداء ملابس العمل كالأمس وبضرورة الجلوس على المكتب نفسه كأول أمس وبحتمية الرجوع الى المنزل كأول أول أمس وباعتيادية النوم في التوقيت ذاته كالأسبوع الفائت لافتح عيناى صباحا لتقع على الغرفة التى أجد بها كل شيء كما هو.

 يمكنني سماع غطاء السرير الذى أشده بقوة لأغطي به وجهي وهو يسألني عما إذا كان ما أنا فيه فى هذه اللحظة هو ما كنت أحلم به. أيمكنني أن أمنع هذا السؤال من الدوران فى رأسي؟ متى أصبح كل شيء مملا لهذه الدرجة؟ ألم أقسم يوما ألا أسمح للحياة بوضعي فى القالب النمطى؟ ألم أسخر من الكبار لأنهم مملون ومتشابهون؟ لقد نسيت أحلامي وسط الزحام من الأساس وأصبحت أنا أيضا نسخة من نسخة من نسخة. أصبحت كل ما كنت أكرهه وتخليت عن كل ما كنت أحبه فى نفسي. أخذت الحياة مأخذ الجد وقد كنت عاهدت نفسي يوما أن أستمتع بها قبل أن أموت. أنا ميتة وسط أموات يظنون أنفسهم على قيد الحياة.

 أوهمتنى الحياة أن أحلامى الإنسانية أحلام ساذجة لم تعد مجدية، وأن على أن أكف عن التصرف كالحالمين.  صفعنى الواقع مرتين عندما كنت أحلم بأن أجد وجوه الناس فى المواصلات العامة مبتسمة فزاددت الوجوه تجهما، وعندما ظننت أني سأجد من يشاركني في ملاحظة الأمر وبالطبع لم يحدث. وبعد أن كنت أظن بأن رؤية وجها مبتسما فى الصباح حق بديهى من حقوقي في العيش أصبح وجهي أنا عبوسا. وارتطم حلمي بأن أكسب عيشي من مهنة أستمع بها فأصبحت مدفونة تحت مكتب عملى. أتعجب من نفسي البلهاء التي كانت تؤمن ذات يوم بأنه "لا يوجد في هذه المكاتب سوى موت مدقع"، متى أصبحت أنا التى لا أحبها؟  حتى الحب الذي لم أكن أريد منه سوى مقعد خشبي أتقاسمه مع المحبوب، ووردة يعطيها لي بلطف، وحضن يحتوى ضعفي الخفي عن الأعين، حتى الحب خذلني وظهر أكثر تعقيدا مما كنت أظن.

  الأحلام؟! التفاصيل الإنسانية  البسيطة التى تنسجها روحنا هى أحلامنا. أعلم اليوم بأن النافذة الزجاجية النظيفة التى تطل على حديقة صغيرة لن تكون أول ما تستقبله عينى عندما أستيقظ. وأعلم أنى لن أستمع لزقزقة العصافير بدلا من المنبه. وأعلم أن شعاع الشمس الصباحي لن يدخل من الشباك الخشبي  ليبث الحياة من جديد في الغرفة بعدما قام الجيران بتعلية البناء المقابل فحجبوا بذلك أشعة الشمس عن غرفتي. وأعلم أني لن أربي نباتات خضراء أو قطة فى المنزل لأن أمي تكره النمل والقطط. وأعلم أنى عندما أريد البكاء لن أجد كتف رجل أغرقه بدموعي وبذلك لن أذهب الى مكان آخر سوى دورة المياة. وأعلم أن الكتب وحدها هى رفيق الليل والفراش. وأعلم أن من جميع الرجال المحيطين بالقشرة الظاهرة لا يوجد واحد محب لمن هى بالداخل. وأعلم أني لن أجد ورودا ملونة في الطرقات، ولن أجد صحيفة تستحق القراءة، ولن أحتضن من أريد وقتما أريد دون أن يتم تأويل تصرفي بسوء، ولن أجدني في مكان آخر لازال يعيش به بشر أحياء.

ألازال من المفترض أن أدون اليوم عن الأحلام؟!

هناك 6 تعليقات:

  1. لست أدري أأحييك على كلماتك الواقعية التي عبرت عني أم أخبرك بأنه لابد أن ندون عن الأحلام حتى تلك التي ضاعت وخذلتنا قبل أن نخذلها وحتى تلك التي انتحرت على عتبات الواقع المرير المشبع بالدماء والصراخ .. نحن في هذه الحياة لا نملك إلا أن نحلم وإلا تحولنا لأموات أحياء !!

    ردحذف
    الردود
    1. معك حق يا أسـماء
      ليس لدينا الا ان نحلم والا تحولنا لأموات أحياء :)

      حذف
  2. جميل ,ويتسم بالواقعيه ,,بس الشي اللي بستغربله ان كل لما اقرا في المدونات اكتر واكتر او حتي في كتب بلاقي ان في ناس مرو بنفس اللي مرت به ,علي الرغم من ان كل واحد فينا بيظن انه حاله فريده من نوعها ,وان مفيش حد تاني عاش اللي هو عاشه او حس اللي هوحس به ,علي عكس الواقع .

    ردحذف
    الردود
    1. لست وحدك يا هدى
      أليس هذا من جمال التدوين ومن جمال القراءة؟! :)

      حذف
  3. to7fa y tsneem msa :)
    w lw btlna n7lm nmoot :D

    ردحذف

speak out your mind